أصدرت النقابة الوطنية للصحافة المغربية بلاغاً حاداً عبّرت فيه عن قلق بالغ تجاه ما ورد في التسجيلات المسرّبة من اجتماع لجنة أخلاقيات المهنة والقضايا التأديبية التابعة للجنة المؤقتة لتسيير قطاع الصحافة والنشر، والتي كانت تنظر في ملف الصحفي حميد المهداوي. وقد بثت هذه التسجيلات عبر موقع بديل على منصة يوتيوب، وحملت مضامين وصفتها النقابة بأنها خطيرة وتمسّ بعمق التنظيم الذاتي للمهنة وسمعة القطاع.
أكدت النقابة أن ما ظهر في التسجيلات يتضمن لغة وأساليب تفتقر للحد الأدنى من الأخلاق المهنية والاحترام الواجب للمؤسسات والأشخاص، إضافة إلى إشارات خطيرة لمحاولات استغلال العمل التأديبي لتصفية حسابات شخصية أو جرّ مؤسسات قضائية إلى صراعات لا علاقة لها بدورها الدستوري. وهذا، بحسب النقابة، يشكل تهديداً مباشراً لمبدأ استقلالية الصحافة ولروح التنظيم الذاتي الذي ناضل الصحافيون عقوداً لانتزاعه.
وسجل البلاغ إدانة صريحة لما اعتبرته النقابة استهتاراً بسمعة التنظيم الذاتي وتلاعباً خطيراً بمنجز تاريخي لحرية الصحافة بالمغرب. كما أعلنت تبرّؤها الكامل من السلوكيات التي صدرت عن بعض أعضاء اللجنة المؤقتة، مؤكدة أنها ستتخذ قرارات تأديبية بحق كل من يثبت تورطه في ممارسات تسيء للمهنة وتفقد المؤسسات مصداقيتها.
وتوقف البلاغ عند التجاوزات التي طالت عدداً من الصحفيين، وفي مقدمتهم محمد الطالبي، معتبرة ما تعرض له إساءة مباشرة لكرامته ومسّاً غير مقبول بحدود العمل المؤسساتي. وأكدت النقابة أنها ستلجأ بكل حزم للمساطر القانونية للدفاع عن حقوق الزميل وعن حرمة الفضاء المهني.
وطالبت النقابة بفتح تحقيق عاجل ومحايد للكشف عن كل تفاصيل ما ورد في تلك المقاطع، وترتيب المسؤوليات القانونية والتنظيمية، بما يضمن حماية استقلالية القرار المهني ونزاهة المؤسسات. وشددت على ضرورة اتخاذ إجراءات صارمة ضد أي شخص ثبت تورطه في خروقات تمسّ بالمهنة أو تؤثر على ثقة الرأي العام فيها.
كما دعا البلاغ الحكومة إلى وضع حد للوضعية غير القانونية التي توجد عليها اللجنة المؤقتة، التي انتهت ولايتها منذ مدة، وعدم السماح لها باتخاذ قرارات تتعلق بالتنظيم الذاتي، مؤكداً أن استمرارها على هذا النحو يشكل خطراً على مستقبل المهنة وعلى توازنات القطاع. وأشارت النقابة إلى أنها رفعت مذكرة تفصيلية للحكومة تطالب فيها بوضع حد لهذا الوضع الشاذ.
وذكرت النقابة أنها سبق أن نبّهت منذ ماي 2025 إلى ما وصفته بارتباك كبير داخل لجنة الأخلاقيات، وإلى ما يتعرض له عدد من الصحفيين مما يشبه “مجزرة مسطرية”، معتبرة أن المعالجة السليمة للشكايات تستوجب نزاهة، وحياداً، وتطبيقاً صارماً للقانون، لا اجتهادات شخصية أو تأويلات متعسفة.
وفي ختام البلاغ، أكدت النقابة الوطنية للصحافة المغربية أن حماية سمعة المهنة اليوم مسؤولية مشتركة، وأن الاستمرار في تجاهل أصوات المهنيين يهدد بنسف التنظيم الذاتي وإعادة القطاع إلى الوراء. ودعت إلى فتح حوار وطني جاد لتطوير المجلس الوطني للصحافة وتحصين حرية التعبير وصون استقلالية المؤسسات الإعلامية.


Comments
0