ودّعت ساكنة شراردة بإقليم سيدي قاسم، عامل الإقليم السيد الحبيب ندير، بحسرة كبيرة واعتزاز بالغ، بعد سنوات من العمل الميداني والإنساني المتميّز، الذي بصم من خلاله على مسار إداري استثنائي جمع بين الجدية والانفتاح والتواصل القريب من المواطنين.
فقد عرف السيد الحبيب ندير، الذي عيّنه صاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله عاملاً على إقليم سيدي قاسم بتاريخ 7 فبراير 2019، كرجل دولة ميداني بامتياز، حرص منذ تعيينه على أن تكون التنمية قائمة على القرب والإنصات، وعلى تلبية الحاجيات الحقيقية للساكنة، خاصة في المناطق القروية والمهمشة مثل أشراردة.
وُلد السيد الحبيب ندير بتاريخ 15 يوليوز 1965 بمدينة أبي الجعد، وهو مهندس وحاصل على الدكتوراه من المعهد الوطني للبوليتكنيك بكرونوبل سنة 1994، وحاصل على الميتريز في هندسة الاستشارة من مدرسة البوليتكنيك بباريس سنة 2003. بدأ مساره المهني سنة 1995 بوزارة التجهيز كمستشار في التدبير ومدقق داخلي، ثم تولى سنة 2002 مهام رئيس الوحدة المركزية للتواصل بكتابة الدولة المكلفة بالماء، قبل أن يُعيّن سنة 2005 مديراً للوكالة الوطنية لمحاربة الأمية. وفي سنة 2012، نال جائزة كونفوشيوس لمحو الأمية من منظمة اليونسكو تقديراً لجهوده في دعم التعليم ومحاربة الهشاشة المعرفية، ثم تولى سنة 2014 منصب الكاتب العام للوزارة المكلفة بالمغاربة المقيمين بالخارج وشؤون الهجرة.
فمنذ توليه مسؤولية الإقليم، أطلق السيد الحبيب ندير دينامية جديدة في تدبير الشأن المحلي، شملت فك العزلة عن القرى، وتطوير البنيات التحتية، ودعم المشاريع ذات الطابع الاجتماعي والتنموي، وخاصة تلك الموجهة لساكنة أشراردة، التي رأت فيه نموذجاً للمسؤول الذي يستمع أكثر مما يتكلم ويعمل أكثر مما يظهر.
عُرف الرجل بسياسة تواصلية قائمة على سعة الصدر، والإنصات، والتواضع، فكان حاضراً في أغلب الإجتماعات الميدانية، قريباً من المنتخبين والمجتمع المدني، متابعاً لأدق التفاصيل بروح المسؤولية والإنسانية، مما جعله يحظى بتقدير واحترام واسع.
ورغم معاناته مع مرض القلب، لم يتوانَ عن أداء مهامه، وظلّ مخلصاً لرسالته الإدارية والإنسانية، مؤمناً بأن خدمة المواطن مسؤولية مقدسة تتجاوز حدود الجسد والإرهاق.
وفي لفتة تقديرية لمسيرته، نظم موظفو العمالة حفل وداع مؤثر بحضور موظفي العمالة ورؤساء المصالح الخارجية ورجال الأمن، حيث كانت اللحظات عاطفية ومليئة بالامتنان لما تركه من أثر في نفوس الجميع، خصوصاً في ظل سياسة التواصل التي كان يتبناها وحسه الدافئ وذكائه الباهر.
لقد غادر السيد الحبيب ندير منصبه كعامل لإقليم سيدي قاسم، غير أنّ ذكراه ستظل راسخة في أذهان ساكنة أشراردة، التي تودّعه اليوم بقلوبٍ يملؤها الاحترام والامتنان، تقديراً لمسار رجل جمع بين الصرامة الإدارية والإنسانية الراقية، وحب الوطن وخدمة المواطن.





Comments
0