أثار تكرار الوجبات الغذائية المقدَّمة داخل الجمعية الخيرية الإسلامية بواويزغت، التابعة لجماعة واويزغت بإقليم أزيلال، نقاشًا واسعًا وتساؤلات مشروعة في أوساط عدد من المتتبعين والفاعلين الجمعويين، وذلك على خلفية ما تم تداوله بشأن غياب التنويع الغذائي وعدم احترام أبسط معايير التغذية الصحية لفائدة نزيلات هذه المؤسسة الاجتماعية.
وحسب معطيات متطابقة، فإن الفترة الممتدة من 15 إلى 19 دجنبر 2025 عرفت تقديم وجبة العدس لما يقارب أربعة أيام متتالية، مقابل تقديم وجبة واحدة فقط من اللوبيا، وهو ما يطرح أكثر من علامة استفهام حول مدى مراعاة التوازن الغذائي، خاصة وأن الأمر يتعلق بفئات اجتماعية هشّة تعتمد بشكل شبه كلي على الوجبات المقدَّمة داخل المؤسسة لتأمين احتياجاتها الغذائية اليومية.
هذا الواقع أعاد إلى الواجهة سؤالًا جوهريًا يتردّد بقوة في الرأي العام المحلي: أين هي المراقبة؟ ومن يحرص فعليًا على تتبع جودة التغذية داخل دور الإحسان؟
فالمعروف أن العمل الخيري، رغم طابعه الإنساني والتضامني، لا يُعفي القائمين عليه من الالتزام بالضوابط الصحية والإنسانية، ولا من احترام كرامة المستفيدات، التي لا تقتصر فقط على توفير الطعام، بل تشمل بالأساس ضمان غذاء صحي، متوازن، ومتنوع يستجيب للحد الأدنى من الحاجيات الغذائية، خاصة بالنسبة لفئات تعاني من الهشاشة الاجتماعية أو الصحية.
ويرى متتبعون أن تكرار نفس الوجبات لفترات قصيرة، دون تنويع أو مراعاة للتوازن الغذائي، قد تكون له انعكاسات سلبية على صحة المستفيدات على المدى المتوسط والبعيد، خصوصًا في غياب أي تواصل رسمي يوضح أسباب هذا التكرار، أو يقدّم معطيات حول الميزانية المرصودة للتغذية، أو طبيعة المراقبة المفروضة على هذه المؤسسات.
كما يطرح هذا الوضع تساؤلات إضافية حول دور الجهات الوصية، سواء على مستوى السلطات المحلية أو المصالح المختصة بالصحة والشؤون الاجتماعية، ومدى قيامها بعمليات التفتيش والتتبع الدوري، ضمانًا لسلامة وجودة ما يُقدَّم داخل هذه الفضاءات التي تُموَّل في الغالب من تبرعات المحسنين، وتُدار باسم التضامن والعمل الخيري.
وفي الوقت الذي يُثمّن فيه المواطنون أي مبادرة خيرية تهدف إلى رعاية الفئات المحتاجة، يؤكد عدد من الفاعلين الجمعويين أن النية الحسنة وحدها لا تكفي، وأن الشفافية، والمراقبة، واحترام المعايير الصحية تبقى عناصر أساسية لضمان استمرارية العمل الخيري في إطار يحفظ كرامة الإنسان ويعزز الثقة بين الجمعيات والمجتمع.
أمام هذه المعطيات، يطالب متتبعون بفتح نقاش جاد ومسؤول حول جودة التغذية داخل دور الإحسان بواويزغت، وتوضيح المعايير المعتمدة في إعداد الوجبات، مع الدعوة إلى تفعيل آليات المراقبة والمحاسبة، ليس بهدف التشهير أو التقليل من قيمة العمل الخيري، بل حرصًا على تصحيح الاختلالات المحتملة وضمان حقوق المستفيدات.
ويبقى الأمل معقودًا على تدخل الجهات المعنية لإعمال دورها الرقابي، وضمان أن يظل العمل الخيري رافعة حقيقية للتكافل الاجتماعي، قائمة على الجودة، والكرامة، والشفافية، بعيدًا عن أي ممارسات قد تُفرغه من مضمونه الإنساني النبيل.


Comments
0