إن فاجعة مدينة فاس لم تؤثر في سكان المدينة العتيقة وحدهم، بل امتد وقعها ليصيب كل المغاربة في مختلف المدن. فهي ليست الحادثة الأولى من نوعها، بل واحدة من بين فواجع متكررة أزهقت أرواحًا عديدة، الأمر الذي يجعل الحديث عن إعادة هيكلة المباني الآيلة للسقوط ضرورة حتمية لا يمكن تأجيلها لضمان سلامة المواطنين وحماية حياتهم وممتلكاتهم.
تُعد إعادة تأهيل هذه المباني من أهم الإجراءات التي يجب اتخاذها لتعزيز السلامة العامة، وتبدأ العملية بتقييم دقيق لحالة البناء من أجل تحديد مستوى الخطر والاحتياجات التقنية اللازمة لهيكلته من جديد. بعد ذلك تأتي مرحلة إعداد خطة شاملة تشمل جوانب الترميم الهندسية والمالية والتنظيمية، مع الحرص على احترام المعايير المعتمدة في البناء والتدعيم.
ولا يمكن إغفال أهمية المتابعة الدقيقة لأشغال الترميم، خاصة في المدن ذات الطابع التاريخي والمباني العريقة التي تشكل جزءًا من الهوية المعمارية والثقافية للمغرب، وتستقطب السياح والزوار. فالحفاظ على هذه المباني لا يقل أهمية عن حماية الأرواح التي تسكنها.
إن فرض إلزامية إعادة الهيكلة من شأنه الحد من حوادث الانهيار المفاجئ التي تتكرر من وقت لآخر، لذلك يصبح لزامًا على السلطات والجهات المعنية توفير الدعم المالي والتقني للأسر المتضررة، وتأمين التدخلات وفق معايير دقيقة تحترم شروط السلامة.
فإعادة هيكلة المباني لا تمثل مجرد إصلاح للهياكل، بل هي خطوة استراتيجية لحماية الأرواح وصون التراث وضمان أمن واستقرار المواطن في فضائه الحضري.


Comments
0