في خطوة تعكس عودة الحزم واحترام القانون، أشرفت السلطات المحلية بجماعة أولاد عزوز اليوم الاثنين 10 نونبر 2025 على عملية هدم مجموعة من المستودعات غير القانونية تعود ملكيتها للرئيس السابق للجماعة، محمد قطرب، الذي أبدى مقاومة شديدة لقرار الهدم وصلت حد تهديده بإضرام النار في جسده.
ورغم محاولاته المتكررة لعرقلة تنفيذ القرار، اضطر المعني بالأمر في نهاية المطاف إلى مغادرة سطح المستودعات الذي كان يتحصن به، مما فسح المجال أمام الجرافات لمباشرة عملية الهدم في ظروف مهنية وتحت إشراف لجنة مختصة.
وتجدر الإشارة إلى أن ما حاول محمد قطرب ترويجه عبر بعض المنابر الإعلامية لا يمت للحقيقة بصلة، إذ تؤكد المعطيات الميدانية أن هذه المستودعات شُيدت دون الحصول على تراخيص قانونية، وعلى أرض مصنفة فلاحية غير مهيأة لأي نشاط صناعي أو حرفي.
وقد لجأ المعني بالأمر إلى التحايل على القانون بتقديم المشروع على أنه إسطبلات مخصصة لتربية الماشية، قبل أن يحولها إلى مستودعات تضم أنشطة صناعية وحرفية تدر عليه أرباحًا كبيرة من مداخيل الكراء غير المشروعة.
وتأتي هذه الواقعة لتكشف مجددًا حجم الاختلالات والتجاوزات التي ارتكبها الرئيس السابق خلال فترة توليه رئاسة جماعة أولاد عزوز، والتي كانت سببًا في عزله من منصبه بعد التقارير الصادرة عن لجان المفتشية العامة للإدارة الترابية، التي رصدت خروقات جسيمة في التسيير وتدبير الشأن المحلي.
كما يُذكر أن المعني بالأمر تورط في قضايا تتعلق بالترامي على أراضٍ فلاحية واستغلالها لأغراض شخصية غير مشروعة، إضافة إلى توقيعه المئات من الرخص الاقتصادية بشكل عشوائي ودون احترام للمساطر القانونية المعمول بها، وهو ماحوله من انسان بسيط بمستوى تعليمي جد محدود إلى ملياردير يتحدى القانون رغم كل الكوارث التي ارتكبها والتي تعد جرائم تستحق المتابعة.
وللتذكير فخلال السنة الجارية فقط، تم هدم 12 مستودعًا عشوائيًا إضافيًا في ملكيته، وهو ما يبين بوضوح حجم الفساد الذي كان غارقًا فيه المعني بالأمر، واستغلاله لموقعه السابق لتحقيق مصالح خاصة على حساب القانون والمصلحة العامة.
ولعل الدرس المستفاد اليوم هو أن القانون يعلو ولا يُعلى عليه، وأن السلطات ماضية في تنفيذ عمليات الهدم في إطار احترام تام للمساطر القانونية، ودون أي تمييز أو محاباة، تأكيدًا لسيادة القانون وحماية للملك العام والتنظيم العمراني السليم.
كما أن الأمر لا يقتصر على جماعة أولاد عزوز وحدها، بل يدخل في إطار عملية شاملة ومنظمة تغطي كافة تراب الإقليم، انطلقت منذ ما يقارب السنة، حيث تجاوز عدد المستودعات العشوائية التي تم هدمها 500 مستودع. وهو ما يؤكد أن هذه العملية ليست موجهة ضد شخص أو فئة بعينها، بل تهدف أساسًا إلى محاربة البناء العشوائي، وتكريس مبادئ الحكامة العمرانية، وضمان احترام القوانين المنظمة للتعمير بما يخدم الصالح العام والتنمية المستدامة للإقليم.
كفى من الفوضى، فلم يعد من المقبول جعل البناء العشوائي وسيلة للاسترزاق والاغتناء السهل دون مجهود، أو وسيلة لتعطيل عجلة التنمية بالإقليم من خلال ترجيح المصالح الخاصة ورفع شعار “أنا ومن بعدي الطوفان”.
إنها رسالة واضحة بأن زمن التساهل قد ولى، وأن عهد ربط المسؤولية بالمحاسبة أصبح واقعًا لا رجعة فيه.


Comments
0