أسدل الستار على فعاليات الدورة التاسعة من مهرجان سينما الشباب للفيلم القصير المقيم بمدينة بيوكرى، بإقليم اشتوكن آيت باها، ليلة أمس الاحد 30 نونبر 2025، بعد أيام حافلة بالعروض السينمائية والورشات والأنشطة الثقافية. دورة جديدة أكدت مرة أخرى أن هذا الموعد السنوي بات حدثًا راسخًا يحتضن الإبداع الشبابي ويمنح لصانعي الأفلام الناشئين منصة حقيقية للظهور والتألق.
الجائزة الكبرى عادت لفيلم “الفنان” للمخرج رشيد أعنطري، الذي استطاع بخطاب بصري متماسك واختيار جمالي مدروس أن يلامس ذائقة لجنة التحكيم والجمهور معًا. الفيلم قدّم رؤية شبابية ناضجة وصنعة فنية محكمة، عززت من ثقة المهرجان في قدرة الجيل الجديد على إنتاج أعمال رصينة تحمل رسائل إنسانية واضحة وتترك أثرًا في الذاكرة.
وخلال الحفل الختامي، تم تكريم شخصيتين وازنتين بالإقليم، تقديرًا لما قدمتاه من دعم ونجاحات في مجالي الثقافة والرياضة. ويتعلق الأمر بالسيد العربي بوليد، رئيس جماعة إمي مقورن، الذي حظي بالتكريم اعترافًا بدوره في دعم المبادرات الفنية ورعاية الأنشطة الثقافية، إلى جانب السيد عبد الإله أيت أحمد، الحكم الدولي في رياضة الكرة الحديدية، احتفاءً بمساره الرياضي الحافل وبصمته في تمثيل الإقليم محليًا ودوليًا.
الحفل عرف حضورًا جماهيريًا كبيرًا ملأ قاعة العروض وتفاعل بحرارة مع لحظات التتويج. تصفيقات متواصلة، أجواء احتفالية، وابتسامات لا تخطئها العين؛ كلها جعلت ليلة الختام لوحة فنية متكاملة تعكس نجاح هذه النسخة وتميّزها.
وتوزعت جوائز المهرجان بين الإخراج والسيناريو وأفضل دور رجالي ونسائي، إضافة إلى جوائز مسابقة المرحوم أحمد بادوج بخطوات كبيرة، التي تحافظ كل سنة على روح فنان ترك بصمة قوية في المشهد الفني الأمازيغي، وتواصل تكريس دعم المواهب الشابة الصاعدة.
ولم تقتصر الدورة التاسعة على عروض الأفلام فقط، بل تميزت ببرنامج ثقافي غني، أبرز محطاته لقاءات ماستر كلاس الموجهة لتلاميذ ثانوية المرينيين التأهيلية بجماعة إمي مقورن، حيث فتح الفنانون والمختصون نوافذ معرفية أمام التلاميذ حول المهن السينمائية وطرق الاشتغال داخل عالم الإخراج، المونتاج، كتابة السيناريو، والصوتيات.
كما نظّم المهرجان خرجة استكشافية إلى المعلمة التاريخية إيكودار إيكونكا، أحد أعرق الأنظمة التخزينية الجماعية في التراث الأمازيغي، حيث اكتشف الضيوف عمق التاريخ المحلي وثراء الذاكرة العمرانية للمنطقة في رحلة غنية بالمعرفة والانبهار.
وفي فضاء أسديم الإيكولوجي الطبيعي تم تنظيم ورشات فنية مفتوحة ولقاءات حوارية بين الضيوف وصناع الأفلام، ما أضفى على الدورة روحًا بيئية وثقافية تعكس تنوّع الفضاءات الطبيعية والتراثية التي يحتضنها الإقليم.
وهكذا اختتم مهرجان سينما الشباب للفيلم القصير دورته التاسعة بنجاح لافت، مؤكّدًا مكانته كجسر يجمع بين الإبداع السينمائي، والهوية الثقافية، وحيوية الشباب، ويعزز حضور بيوكرى على خريطة التظاهرات السينمائية الوطنية.








Comments
0