حين يدخل الدكتور سعد بلجنوي إلى قاعة المحاضرات أو يظهر على الشاشة، يحدث شيء مميز يملأ المكان بطاقة فريدة يجلس الطلبة صامتين، وأعينهم معلقة به، يسمعون الكلمات ويشعرون بما وراءها من أسئلة عميقة عن النفس والحياة والوجود، عن المعنى وما يتجاوز الرتابة اليومية الذكتور سعد بلجنوي يمثل مرآة تعكس الداخل البشري تكشف المجهول في النفس، وتحفّز على البحث عن الحقيقة الذاتية.
كتابه “علم النفس والإبداع” يفتح نافذة على أعماق النفس البشرية، مستكشفًا مناطق الألم والخيال، الرغبة والخوف، الجرح والقوة تتحول الأفكار إلى تجربة ملموسة يمكن للطالب أن يشعر بها ويفهمها. كل تحليل يحمل شعورًا حيًّا، وكل فكرة تثير جزءًا من الداخل لم يكن مدركًا من قبل. الاستاذ سعد يعلّم الطلبة كيفية اكتشاف أنفسهم بأنفسهم، بأسلوب يجمع بين النظرية والتجربة الواقعية.
وفي كتابه “Psychanalyse de la vie ordinaire”، ينقّب في تفاصيل الحياة اليومية التي غالبًا نغفلها. أبسط التصرفات تحمل دلالات نفسية، وكل لحظة عادية تصبح مفتاحًا لفهم الذات. من خلال أمثلة بسيطة من الروتين اليومي، يعلم الذكتور سعد الطلبة كيف يصبح كل فعل صغير نصًا يمكن قراءته وتحليله، وتصبح الحياة اليومية مليئة بالدروس النفسية العميقة.
فقدرته على الجمع بين التحليل النفسي والفهم الإنساني العميق تجعل حديثه تجربة فريدة. تتدفق الكلمات من قلب التجربة الإنسانية، لتصبح لغة شفافة قادرة على اختراق الحواجز الداخلية. كثير من الطلبة يشهدون “أول مرة أشعر أن علم النفس قريب من حياتي بهذه الطريقة”. الإبداع في أسلوبه، والعمق في فهمه والصدق في عرضه، تجعل أي لقاء معه رحلة استكشاف داخلي حقيقية. محاضراته تقدم أمثلة حيّة من الحياة اليومية من المشاعر العابرة ومن التفاعلات البسيطة بين الناس، لتكشف كيف يحمل كل حدث صغير دروسًا نفسية عميقة. الطلاب يخرجون من محاضراته حاملين أسئلة جديدة، وأفكارًا لم يخطر لهم أنها موجودة، وإحساسًا بأن النفس تجربة تستحق الفهم والاكتشاف.
الروتين اليومي والألم والفرح والتوترات الصغيرة، كلها تتحول مادة للتأمل والتحليل فهو يقدم العلم كرحلة عبر الذات، تجربة تكشف طبيعة الإنسان وتفتح نافذة لفهم أعمق للنفس. هذا الأسلوب يجعل كل طالب يشعر أن المعرفة تأتي من القدرة على إدراك الحياة وفهمها. روح الدكتور سعد تجمع بين الباحث المفكر والإنسان الملمّ بكل طبقات النفس البشرية. حين يكتب، يحلل الصراعات الداخلية، ويظهر تأثير التجارب اليومية على الشخصية. وحين يتحدث، تتحول كلماته إلى مرايا تعكس ما نخفيه عن أنفسنا، وتجعل المستمع يواجه الحقيقة بشجاعة وصدق. يعلّم الطلاب أن الفهم العميق للنفس يبدأ بالانتباه للتفاصيل الصغيرة، والجرأة على مواجهة ما هو مخفي داخلهم.
أصبح الدكتور سعد بلجنوي رمزًا في المغرب وخارجه، أيقونة عقلية ونفسية توقظ في الداخل طاقة الاكتشاف والوعي. كتاباته، محاضراته، وإطلالاته الإعلامية تمنح الناس القدرة على فهم النفس، وإعادة اكتشاف الذات، وقراءة الحياة اليومية بعيون جديدة. الطلاب يجدون فيه نموذجًا حيًا للمعرفة الإنسانية، والقوة التي تولد من الفهم العميق للنفس وتجربة الحياة اليومية. كل لقاء معه، كل كلمة، وكل مثال، يصبح تجربة تُحفّز التفكير، وتزرع القدرة على إدراك أن علم النفس رحلة مستمرة نحو فهم الذات والعالم. بلجنوي يعلم أن العلم يكتمل حين يحتضن الإنسان بكل هشاشته وجماله، وأن الفهم الحقيقي للنفس يبدأ بالاهتمام بالتفاصيل الصغيرة، ورؤية الحياة اليومية كنص غني بالمعاني، تجربة تضيء الطريق للآخرين.
حضور الدكتور سعد بلجنوي يترك أثرًا دائمًا العقل يتفتح، القلب يتأمل، والنفس تشعر براحة في إدراك أن فهم الذات ممكن وأن الحياة اليومية، مهما بدت عادية، تتحوّل إلى مصدر للمعرفة والفهم والإلهام. يمثل صوت العقل والوجدان معًا، أيقونة فكرية ونفسية تُسمع وتُقرأ وتُحتفى بها، لأنها تذكّر بأن الإنسان حين يُفهم ويُقدّر يصبح قادرًا على إعادة صياغة حياته وحياة من حوله بالوعي والحب والفهم العميق للنفس
في حضوره، يلتقي العقل بالوجدان ويتناغم الفهم مع التأمل، لتشعر أن كل لحظة من حياتك تحمل أسرارًا تنتظر من يكتشفها، وأن أعظم مغامرة هي رحلة الغوص في أعماق نفسك.”


Comments
0