الفصل بين السياسة والأعمال… ضرورة لحماية الثقة والمصلحة العامة - m3aalhadet مع الحدث
قالب مع الحدث |أخبار 24 ساعة

الفصل بين السياسة والأعمال… ضرورة لحماية الثقة والمصلحة العامة

330px-Moroccan_Parliament_Building

مع اقتراب نهاية الولاية الحكومية وتوجّه البلاد نحو محطة سياسية جديدة، يبرز من جديد النقاش حول العلاقة بين السياسة والأعمال، وهو نقاش يتأرجح بين مواقف ترى في الأمر إشكالاً ينبغي ضبطه بشكل صارم، وأخرى تعتبره مسألة طبيعية في سياق التنمية وبناء اقتصاد قوي. هذا التباين في المواقف يعكس حيوية المشهد العمومي ورغبة مختلف الأطراف في تقديم تصوراتها حول كيفية ضمان توازن بين الاستثمار والحكامة.

 

وجهة نظر المعارضين… التخوف من تضارب المصالح

يرى جزء من المتابعين أن الجمع بين المسؤولية السياسية والأنشطة الاقتصادية قد يخلق مساحة رمادية تحتاج إلى ضبط دقيق. فبالنسبة لهم، مجرد وجود مسؤول في موقع القرار بينما يمتلك، أو يرتبط، بأنشطة اقتصادية في قطاعات قد تتأثر مباشرة بالسياسات العمومية، يعتبر مدخلاً لطرح أسئلة حول حياد القرار.

ويعتبر هؤلاء أن ارتفاع أرباح بعض الشركات خلال الولاية الحالية، خصوصاً تلك المرتبطة بفاعلين قريبين من مواقع القرار، يعزّز الحاجة إلى وضع إطار قانوني واضح يحدّ من أي لبس. كما توقف عدد منهم عند تصريحات رئيس الحكومة داخل البرلمان، حين قال إنه يعرف “ثلثيّ المقاولات”، وإن أي شخص يرغب في المساهمة في تقدم البلاد “مرحب به، سواء كان أخاكم أو ابن عمتكم أو خالتكم”. بالنسبة للمعارضين، يُظهر هذا الخطاب ضرورة إعادة التفكير في كيفية تدبير العلاقة بين العمل السياسي والاقتصادي، مع التأكيد على أن الاستثمار مشروع، لكن يجب أن يكون بعيداً عن دائرة المسؤولية المباشرة.

وجهة نظر المؤيدين… الاستثمار محرك للاقتصاد وليس تهمة

في المقابل، يرى آخرون أن الخلط بين السياسة والأعمال ليس دائماً سلبياً، وأن رجال الأعمال قد يلعبون دوراً مهماً في تسريع التنمية وجذب الاستثمار، خاصة إذا توفرت آليات الشفافية والمراقبة. بالنسبة لهذا الاتجاه، فإن معرفة المسؤولين بالفاعلين الاقتصاديين أمر طبيعي، بل مطلوب في سياق تشجيع الاستثمار الوطني وتقوية النسيج المقاولاتي.

ويؤكد المؤيدون أن تحقيق أرباح مرتفعة لبعض الشركات قد يكون نتيجة عوامل تخص السوق والتنافسية، وليس بالضرورة دليلاً على استفادة غير مستحقة. ويرون أن الاستثمار في حد ذاته “ليس عيباً”، كما ورد في تصريحات رئيس الحكومة، وأن الأولوية ينبغي أن تكون لتشجيع خلق الثروة وفرص الشغل، مع احترام الضوابط التي تضمن تكافؤ الفرص للجميع.

 

بين الموقفين… الحاجة إلى إطار يطمئن الجميع

رغم اختلاف وجهات النظر، يتفق العديد من المحللين على أن تعزيز الثقة يمر عبر وضع آليات تنظيمية أوضح للفصل بين المسؤوليات السياسية والأنشطة الاقتصادية. فالشفافية وحدها لا تكفي، كما أن التشدد المفرط قد يحدّ من دينامية الاستثمار. المطلوب، بحسب المتتبعين، هو توازن يسمح بالمشاركة الاقتصادية لجميع الفاعلين، دون أن يكون للمسؤول العمومي أي امتياز إضافي قد يُثير تساؤلات لدى الرأي العام.

 

خلاصة

يُجمع الجميع، مؤيدين ومعارضين، على أهمية خلق بيئة اقتصادية شفافة ومجال سياسي واضح المعالم. الاختلاف يكمن فقط في المقاربة: هل الأفضل فصل تام بين السياسة والأعمال لتجنب أي لبس؟ أم تنظيم العلاقة بما يسمح بالاستثمار مع الحفاظ على قواعد النزاهة والمساواة؟

ومع اقتراب الاستحقاقات المقبلة، يبدو هذا النقاش فرصة لإعادة تقييم التجربة، وتطوير آليات حكامة تضمن وضوح الأدوار، وتساهم في تقوية الثقة بين المواطن والمؤسسات.

Leave a Reply

1000 / 1000 (Number of characters left) .

Terms of publication : Do not offend the writer, people, or sacred things, attack religions or the divine, and avoid racist incitement and insults.

Comments

0
Commenters opinions are their own and do not reflect the views of m3aalhadet مع الحدث