وجدة رهينة الحداثة بين التحديات والفرص

تُعد مدينة وجدة من المدن المغربية التي شهدت خلال السنوات الأخيرة تحولات عميقة، حيث تسعى إلى تحقيق تنمية اقتصادية واجتماعية عبر مشاريع كبرى وبرامج تنموية طموحة. غير أن هذه الدينامية تصطدم بعدد من التحديات التي باتت تهدد هوية المدينة الثقافية وتراثها التاريخي.

تعرف وجدة نموا سكانيا متسارعا أدى إلى توسع عمراني غير منظم، نتجت عنه ضغوط كبيرة على المجالات الطبيعية والمواقع التراثية. كما تواجه المدينة مشاكل بيئية متزايدة، من بينها تلوث الهواء والماء، ما ينعكس سلبا على صحة السكان وعلى توازن النظام البيئي المحلي.

وفي الجانب الاجتماعي، تعاني المدينة من ارتفاع معدلات البطالة والفقر، وهو ما دفع شريحة واسعة من شبابها إلى الهجرة نحو مدن أخرى أو خارج البلاد بحثا عن فرص عمل أفضل.

رغم هذه الإكراهات، تسعى مدينة وجدة إلى جذب الاستثمارات من خلال مشاريع اقتصادية مهمة، على غرار تطوير المنطقة الصناعية وإنشاء مراكز تجارية جديدة. كما أن موقعها الاستراتيجي يُمكّنها من أن تتحول إلى وجهة سياحية واعدة قادرة على تنشيط الاقتصاد المحلي.

وتعمل المدينة أيضا على تطوير قطاع التعليم والتكوين المهني، في مسعى لتأهيل الشباب وإدماجهم في سوق الشغل عبر مسارات تدريبية تلائم حاجيات الاقتصاد العصري.

في الخلاصة، يمكن القول إن مدينة وجدة تقف اليوم عند مفترق طرق. فهي من جهة “رهينة الحداثة” التي تهدد هويتها وتراثها، ومن جهة أخرى تمتلك فرصا حقيقية للتنمية الاقتصادية والاجتماعية. ويبقى الرهان الأكبر هو تحقيق توازن يضمن حماية مقومات المدينة الأصيلة، وفي الوقت نفسه يفسح المجال أمام تنمية مستدامة تضمن مستقبلا أفضل لساكنتها.