المشاورات الترابية للجيل الجديد بعمالة مراكش: بين تشخيص الانتظارات وآليات التتبع والتنفيذ - m3aalhadet مع الحدث
قالب مع الحدث |أعمدة الرآي

المشاورات الترابية للجيل الجديد بعمالة مراكش: بين تشخيص الانتظارات وآليات التتبع والتنفيذ

IMG-20251117-WA0026

شهدت ولاية جهة مراكش-أسفي تنظيم المشاورات الترابية للجيل الجديد تحت إشراف السيد والي الجهة، في لقاءات تفاعلية انفتحت على قضايا تمس جوهر السياسات العمومية: التعليم، الصحة، التشغيل، والبيئة. وبصفتي مواطنة مغربية مشاركة في هذا الحدث، كان من المهم الوقوف على قيمة هذه المبادرة، ولكن أيضاً مساءلة مضمونها، منهجيتها، ونتائجها المتوقعة لا شك أن تنظيم مشاورات ترابية بهذا الحجم يعبر عن رغبة في تجديد آليات الحوار العمومي، والانتقال من المقاربات التقليدية إلى مقاربات تشاركية تستمع لنبض المواطن.

فمجرد فتح النقاش حول قضايا حساسة مثل التعليم والصحة يعد خطوة إيجابية، بل ضرورية، في اتجاه بناء سياسات أكثر واقعية واستجابة لانتظارات الساكنة.

لكن… هل يكفي ذلك؟ بدت النقاشات في كثير من اللحظات تقنية ومؤطرة سلفاً، مما جعل بعض المداخلات تبدو مجرد مساهمة لإثراء النقاش، لا للمشاركة في اتخاذ القرار. وهنا يبرز سؤال المشاركة الحقيقية: هل كان المواطنون شركاء فعلا، أم مجرد حضور يضفي شرعية على قرارات مُعدة مسبقا؟ ناقشت الورشات مشاكل التعليم والصحة والتشغيل والبيئة، وهي قضايا يعرفها المواطن يومياً ويعيش أعطابها.

غير أن الجزء الأكبر من النقاش أعاد إنتاج نفس التشخيص الذي تردده التقارير الرسمية منذ سنوات، بينما الانتقال إلى حلول ملموسة بدا محدوداً وغير تفصيلي.رغم انفتاح المشاورات على عدة فاعلين، ظل الحضور الشعبي محدوداً مقارنة بحجم الجهة وتنوع شرائحها الاجتماعية.

كمواطنة مشاركة، لاحظت أن النقاش كان يحتاج أكثر إلى صوت المواطن العادي، الطالب، العامل، الأم، الأستاذ… تلك الفئات التي تعيش هذه القضايا بشكل يومي.النجاح الحقيقي للمشاورات لا يقاس بعدد الكلمات المتداولة، بل بآليات التنفيذ والمتابعة.

ولحد الآن، يبدو أن الرؤية لم تكتمل بعد: كيف ستترجم التوصيات إلى برامج؟ من سيحاسب؟ وما هي الجدولة الزمنية للتنزيل؟ مشاركتي في هذا الحدث منحني مساحة للتأمل أكثر مما منحني مساحة للتأثير.

شعرت بفخر أن أشارك في لقاء يفتح أبواب مؤسسات الدولة للمواطنين، لكنني شعرت أيضاً بالحاجة إلى:إشراك أوسع وأعمق للمواطنين في كل المراحل – تخصيص مساحات حوار حقيقية لا شكلية -الانتقال من “التشخيص” إلى “الإجراءات العملية”- ضمان شفافية نشر خلاصات المشاورات وآليات تتبعها.

لقد كان الحدث فرصة للتعبير، لكنه يحتاج إلى تطوير ليصبح منصة للتغيير الفعلي.المشاورات الترابية للجيل الجديد مبادرة مهمة، تحمل روح الإصلاح وتجسد إرادة الانفتاح على المواطن. لكنها ليست غاية في حد ذاتها، بل خطوة أولى تحتاج إلى استكمال. ولكي تحقق هدفها، يجب الانتقال من نقاشات تفاعلية جميلة إلى قرارات شجاعة وواضحة، ومن حضور رمزي للمواطن إلى مشاركة مؤثرة ومستمرة .فمستقبل السياسات العمومية لن يصنع في القاعات فقط، بل بمدى قدرة هذه اللقاءات على ترجمة صوت المواطن إلى فعل، وعلى تحويل المقترحات إلى واقع يلمسه الجميع.

“مواطنة مغربية مشاركة”

Leave a Reply

1000 / 1000 (Number of characters left) .

Terms of publication : Do not offend the writer, people, or sacred things, attack religions or the divine, and avoid racist incitement and insults.

Comments

0
Commenters opinions are their own and do not reflect the views of m3aalhadet مع الحدث