بين شائعة العبور وحقيقة الخطر… لماذا تتحوّل سبتة إلى فخّ يبتلع أحلام الشباب؟ - m3aalhadet مع الحدث
قالب مع الحدث |أخبار 24 ساعة

بين شائعة العبور وحقيقة الخطر… لماذا تتحوّل سبتة إلى فخّ يبتلع أحلام الشباب؟

IMG-20251204-WA0005

 

تشهد الجهة الشمالية للمملكة المغربية، خلال الأيام الأخيرة موجة جديدة من الاندفاع نحو المعابر المؤدية إلى سبتة المحتلة، مدفوعة بإشاعات تُسوّق لفرصة “ذهبية” للعبور الجماعي إلى الضفة الأوروبية. وبمجرد انتشار هذه الروايات عبر شبكات التواصل، تحوّلت بعض المناطق الحدودية إلى نقاط تجمّع لشباب يدفعهم الأمل، لكن يقودهم الوهم.

 

غير أن ما يبدو فرصة استثنائية ليس سوى فخّ محكم، تُعيد المنطقة بسببه تجربة سيناريوهات سابقة خلّفت توتراً، خسائر، وانكسارات لا تزال تفاصيلها حاضرة في الذاكرة. فالشائعات، مهما كانت مغرية، لا تُقدّم ضمانات؛ هي فقط تُشعل الخيال، وتدفع ضحاياها نحو مغامرة غير محسوبة، يُدرك الجميع مسبقاً أنها قد تنتهي في أحسن حالاتها بالترحيل، وفي أسوئها بالموت أو الوقوع في شباك شبكات الاتجار بالبشر.

 

وتشير معطيات ميدانية إلى تحركات لافتة لشباب يهرعون إلى المناطق المجاورة للمعابر، محمّلين بقصص يعتقدون أنها موثوقة. غير أنّ الواقع مختلف تماماً لا معابر مفتوحة، ولا فرص سرية، ولا تنظيم فعلي لأي عملية عبور جماعية. كل ما في الأمر أن إشاعة سريعة التداول وجدت أرضاً خصبة، فأطلقت موجة اندفاع جديدة تُهدّد سلامة أصحابها قبل غيرهم.

 

وتعيش السلطات المحلية، في المقابل، حالة استنفار لضمان عدم انزلاق الوضع نحو الفوضى. فالتجمعات المفاجئة قد تتحوّل في أي لحظة إلى حوادث خطيرة بفعل التدافع أو التسيّب أو التدخلات غير المحسوبة. وقد أثبتت التجارب السابقة أن الشائعة قادرة على خلق وهم جماعي يتصرف أصحابه كما لو أن الباب مفتوح فعلاً، رغم أن الحقيقة مختلفة تماماً.

 

إنّ الخطير في هذه الموجة ليس ازدياد أعداد الراغبين في العبور، بل الطريقة التي يتم بها تسويق الوهم للشباب عبارات مغرية، ووعود مُضلّلة، وصور مفبركة تُظهر الطريق وكأنه مفتوح. وهنا يكمن جوهر الردع: العبور غير الشرعي ليس فرصة، بل صفقة خاسرة مغلّفة بعبارات براقة. من يدخل هذا الطريق يدخل وحيداً، بلا حماية، بلا حقوق، وبلا أدنى ضمانة للكرامة التي كان يبحث عنها.

 

ورغم قوة الإغراء، تبقى الحقيقة أوضح من أن تُخفى:

لا أحد يعبر بسهولة. لا أحد يحصل على وضع قانوني فور الوصول. ولا أحد يتجاوز الحقيقة الصلبة: أوروبا لا تستقبل الوافدين غير الشرعيين، بل تعيدهم، أو تتركهم لأقدار قاسية.

 

إنّ مستقبل الشباب لا ينبغي أن يكون مرهوناً بإشاعة تنتشر في دقائق وتموت في ساعات. وما يحتاج إليه شباب الشمال اليوم ليس نافذة هروب، بل نافذة فهم:

الفقر لا يُعالج بالمجازفة، والوهم لا يصنع حياة، والعبور غير الشرعي ليس طريقاً للنجاح بل بابا مغلقا نحو خيارات قد لا تعوض .

Leave a Reply

1000 / 1000 (Number of characters left) .

Terms of publication : Do not offend the writer, people, or sacred things, attack religions or the divine, and avoid racist incitement and insults.

Comments

0
Commenters opinions are their own and do not reflect the views of m3aalhadet مع الحدث