تشهد جماعة الدشيرة خلال الأسابيع الأخيرة حالة غليان غير مسبوقة، بعد انفجار ملف اعتداءات جنسية طالت أطفالاً من أسرة واحدة في واقعة وُصفت من قِبل فعاليات محلية بأنها “طعنة موجعة لضمير المجتمع”. وعلى الرغم من صدور أحكام ابتدائية في حق المتهمين، فإن بقاءهم في حالة سراح إلى حدود متابعة الاستئناف زاد المشهد توتراً، وعمّق الشعور بالصدمة لدى الأسر المتضررة وسكان المنطقة.
الواقعة التي حدثت داخل محيط مدرسة فرعية بالجماعة لم تكن مجرد خبر عابر، بل تحولت إلى قضية رأي عام هزّت الوجدان الجمعي، وأعادت إلى السطح أسئلة حارقة حول حماية الطفولة في المناطق القروية التي تعاني الهشاشة وضعف المراقبة وغياب الإمكانات. ويعبّر سكان الدشيرة عن خوفهم من تكرار مثل هذه الجرائم في ظل ما يعتبرونه “فراغاً في منظومة حماية الطفل”، و”قصوراً في تدخل الجهات المختصة أمام معاناة الضحايا”.
وفي خضم هذا الجدل، دخلت الجمعية المغربية لحقوق الإنسان والبيئة بمدينة العيون على خط القضية، مؤكدة في بيان رسمي متابعتها الدقيقة لهذا الملف الذي وصفته بـ”الصادم والمهين لكرامة الأطفال والمجتمع”. وأشارت الجمعية إلى أن الأحكام الابتدائية—التي تراوحت بين 12 سنة سجناً نافذاً و5 سنوات—لم تُنفّذ بعد، في انتظار جلسة الاستئناف المرتقبة يوم 19 نونبر 2025، الأمر الذي خلّف استياءً واسعاً لدى الضحايا وأسرهم.
البيان الحقوقي كان شديد اللهجة، إذ أكدت الجمعية رفضها لأي تساهل في قضايا الاعتداء على الأطفال، داعية القضاء إلى التعامل بصرامة أكبر ضماناً لحماية الضحايا، ومطالِبة السلطات بتحمل مسؤولياتها تجاه ما وصفته بـ”الوضع المتدهور” الذي تعيشه جماعة الدشيرة. كما عبّرت عن تضامنها الكامل مع الأسرة المتضررة وتعهدت بمتابعة الملف إلى حين تحقيق العدالة.
هذه القضية، بما تحمله من ألم إنساني وتداعيات نفسية واجتماعية خطيرة، تكشف بوضوح الحاجة الملحّة إلى تطوير سياسات وقائية تحمي الأطفال في الوسط القروي، وتعزّز الرقابة على المؤسسات التعليمية، وتضمن التدخل الفوري والحاسم في أي اعتداء يمسّ براءة القُصَّر.
وبين انتظار كلمة القضاء وتطلع الأسر إلى الإنصاف، يبقى السؤال الأكبر معلّقاً في سماء الدشيرة: كيف يمكن للمجتمع والدولة أن يضمنا ألا يتكرر هذا الألم مرة أخرى؟


Comments
0